تابعونا عبر Facebook
تابعونا عبر Twitter
     





 الجمعة 08 يونيو 2018, 16:34
عضو مميز
عضو مميز
محاجب

الجنس : انثى
المشاركات : 1262
تقييم المستوى : 63


افتراضيمقالات فلسفية

هل الأسرة مؤسسة ضرورية أم أكيد إلى الزوال ؟


هل الأسرة مؤسسة ضرورية أم أكيد إلى الزوال ؟


مقالة حول هل الاسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية


المقدمة:الأسرة بالمعنى الحديث هي وحدة اجتماعية تتألف من أبوين و أطفالهما. و هي تختلف عن الأسرة قديما من عدة جوانب كالنطاق و محور القرابة و الوظائف. فالوظائف الحالية مثلا قليلة إذا قيست بما كانت عليه في العصور الماضية. لقد كانت الأسرة القديمة تقوم بوظائف متنوعة في المجالات السياسية( التشريعية، التنفيذية، و الدفاعية) و الدينية و التربوية و الاقتصادية و الصحية...إلخ إلا أن تطور الحياة الاجتماعية و تعقدها دفعا المجتمع الحديث إلى خلق مؤسسات تنوب عن الأسرة في أدائها لهذه الوظائف، و تخفف عنها أعباءها و من هنا التساؤل: ما هي وظائف الأسرة بعد أن زالت عنها هذه الأعباء؟ و ما مصير الأسرة؟و هل حقيقة يمكن أن يحكم عليها بالزوال؟


عرض الأطروحة: يذهب البعض من الفلاسفة إلى أن الأسرة محكوم عليه بالزوال في المستقبل إذا تألفت من الزوج و زوجته فقط، و إذا انتزعت الدولة الأطفال من آبائهم و أخذت على عاتقها تربيتهم على أن يصبحوا مجرد مواطنين لا ينتسبون إلى أسرة معينة. و دليلهم على ذلك، أن وظائف الأسرة التقليدية كانت واسعة، تشمل جميع شؤون الحية الاجتماعية ، غير أن المجتمع أخذ ينتقص منها و ينشئ لكل وظيفة هيئة مستقلة، فلقد أنشأ المجالس النيابية مكان الوظيفة التشريعية، و الحكومات مكان السلطة التنفيذية و المعاهد الدينية و المدارس مكان الوظائف الدينية و التربوية. و المؤسسات الاقتصادية و المصانع مكان الوظيفة الاقتصادية. و المؤسسات الأمنية للمحافظة على الأمن و الممتلكات و الأرواح. هكذا أصبح المجتمع هو الذي يشرف تقريبا على جميع الأعمال التي كانت على عاتق الأسرة القديمة. و يذهب أنصار النزعة الاشتراكية و خاصة ماركس و أنجلز إلى أن التوفيق بين الطبقات و محوها يقتضي إلغاء الأسرة لأنها تحول دون محو الفوارق الموجودة بين الأفراد، و في هذا المعنى يرى أنجلز أن الأسرة تتأسس في جوهرها على الملكية الخاصة و توارثها، فهي من الناحية الاجتماعية تغذي البنية الرأسمالية و يوم تنتقل وسائل الإنتاج إلى الملكية المشتركة، لن تبقى الأسرة الفردية الوحدة الاقتصادية للمجتمع، فالاقتصاد العائلي يتحول إلى صناعة جماعية. و العناية و تربية الأطفال تصبح مسألة عمومية، فالجميع يقدم عناية متساوي لجميع الأطفال، و هكذا يظهر لنا أن بقاء الأسرة تعزيز للصراع الطبقي.


كما أن الروح العائلية تقيد حرية الفرد و تزرع فيه عواطف تجعل منه كائنا لا يقوى على تجاوز حدود الأسرة. و التاريخ يشهد بأن الأسرة التقليدية تمارس نوعا من الطغيان على الفرد، و تستبد به و لا تتركه طليقا، الأمر الذي دفع أنصار النزعة الفردية خاصة "جيد" إلى انتقاد طابع الإكراه الذي تتسم به الأسرة. فهو يسعى إلى تحرير الفرد و يجعله متمتعا بشخصيته ، و ذلك أن القيود التي تفرضها الأسرة على الطفل تشل إرادته و تعيق تطوره، لأن الأمر كما يقول، سجن اجتماعي بمعنى الكلمة يستولي على الفرد، فالفرد مهما بلغ من السن، فإنه يبقى دائما مرتبطا بوالديه بحكم العاطفة العائلية.


نقد الأطروحة:غير أن انحلال الأسرة و انهيارها يجرد المجتمع من أهم مقوماته. لأن الأسرة هي الدعامة الأساسية للمجتمع، فصلاحه مرتبط بصلاحها، كما أن أغلب الأمم التي كانت تتصور المجتمع بدون أسرة انتهت إلى الاعتراف بالأدوار الأساسية التي تلعبها الأسرة خاصة في التربية و الغذاء الروحي.


نقيض الأطروحة:و في مقابل هذا الاتجاه ظهر اتجاه آخر يرى أنصاره، أن الأسرة و حدة اجتماعية ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، فمهما بلغ المجتمع من تقدم و تطور فلا يمكنه أن ينوب عن الأسرة في الوظائف العائلية المحصنة، كالوظيفة البيولوجية، و الاجتماعية، و السيكولوجية.


فمن أهم وظائف الأسرة تنشئة الأطفال و تربيتهم التربية الاجتماعية. و إدا كانت صغار الحيوانات لا تبقى تحت الرعاية إلا مدة قصيرة من الزمن ثم تستقل بنفسها نهائيا، فإن الإنسان قبل أن يمارس الحياة الاجتماعية بنفسه يبقى في أحضان عائلته التي تنشغل بتربيته مدة طويلة. فطفل الإنسان يولد كحيوان ضعيف لا حول له و لا قوة، فهو في حاجة إلى من يغذيه و يحميه من البرد و الحر و الأمراض. كما يتلقى من والديه السلوك و الآداب العامة، و الأسرة باعتبارها نظاما اجتماعيا تؤثر فيما عداها من النظم الاجتماعية، إن المدرسة مثلا يتوقف نجاحها في أداء رسالتها التربوية على مقدار المعونة التي تقدمها لها الأسرة. و لا تزال الأسرة إلى وقتنا هذا، و خاصة في الأوساط الريفية محتفظة بالكثير من وظائفها التقليدية.


غير أن التنشئة و التغذية في الإنسان ليست مادية و حسب و لا أخلاقية فقط، إنها نفسية أيضا، و هذه الوظيفة لا تكاد تشاركها فيها أية مؤسسة أخرى. فقد أثبتت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون في مؤسسات حكومية بعيدا عن الوسط العائلي،


يعانون من ضعف في النمو، فقد اكتشف الطبيب "روني سبيتز" أن الطفل يستطيع أن يعاني الآلام من الناحية الجسدية بسبب إبعاده عن أمه في 61 طفلا قدموا من مختلف الأوساط و تربوا في مؤسسات حكومية منذ ولادتهم سجل عليهم تراجعا ملحوظا ابتداء من الشهر الرابع للنمو العام بالنسبة للمعدل. و يبلغ هذا التراجع 50 بالمائة في العام الأول. أما في العام الثاني فنموهم يمكن أن يعادل نمو المعتوهين. في حين أن الأطفال الذين تشتغل الم بتربيتهم و الاعتناء بهم يكون نموهم سويا، لأن الأم حين تغذي ولدها تغذية أيضا بالعواطف و الحنان. فالتزود بالغذاء المناسب يستلزم أكثر من السعرات الحرارية و الفيتامينات.


نقد نقيض الأطروحة:لكن مهما كان وجود الأسرة في المجتمع بمثابة الدعامة أو المحرك الضروري، فإن هذا المحرك قد تترتب عنه عواقب وخيمة، لأن الأسرة، إذا دب فيها التفكك، تنتج أفرادا ضعاف النفس و الشخصية.


التركيب:إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، و على المجتمع أن يعمل على رعايتها، و لا يترك الآباء يمارسون سلطتهم كاملة على ذريتهم، و أن يقدم لهم يد المساعدة و يمدهم بتوجيهات و إرشادات تسمح لهم بأن يصنعوا أجيالا صالحة. فإن المجتمع السليم هو المجتمع الذي يحرص على إبقاء الأسرة و صيانتها. و الأسرة الصحيحة هي الوحدة الاجتماعية التي تعمل على الاحتفاظ بنجاعتها الأخـلاقية و الاجتماعية، و خاصة النفسية. و إذا كانت الأسرة قد فقدت الكثير من وظائفها فذلك من أجل أن تتفرغ لوظيفتها الخاصة التي لا يستطيع منطق التطور القضاء عليها. فبمقدار ما تفتقد الأسرة من وظائفها، الواحدة بعد الأخرى بمقدار ما تعثر على وظيفتها الخاصة.


الخاتمة:و في الأخير نستنتج أن الأسرة ذات أهمية كبرى، و عليه تتوقف إلى حد بعيد، قـوة المجتمع و مناعته. و لقد نوه البعض من المربين بأهميتها الخطيرة و دورها الايجابي قائلين: " لقد نال النوع البشري حضارة بفضل الأسرة، و إن مستقبله يتوقف على هذه المؤسسة أكثر من أية مؤسسة أخرى



 الجمعة 08 يونيو 2018, 16:35
عضو مميز
عضو مميز
محاجب

الجنس : انثى
المشاركات : 1262
تقييم المستوى : 63


افتراضيرد: مقالات فلسفية

هل ترجع عملية الابداع الى شروط نفسية فقط ؟ جدلية
هل ترجع عملية الابداع الى شروط نفسية فقط ؟ جدلية
I- طرح المشكلة : إن الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، وذلك ما يكشف عن اختلافه عن ماهو مألوف ومتعارف عليه ، وعن تحرره من التقليد ومحكاة الواقع . ومن جهة أخرى ، فإن عدد المبدين – في جميع المجالات – قليل جدا مقارنة بغير المبدعين ، وهو ما يوحي ان تلك القلة المبدعة تتوافر فيها صفات وشروط خاصة تنعدم عند غيرهم ، فهل معنى ذلك ان الابداع يتوقف على شروط ذاتية خاصة بالمبدع ؟
II– محاولة حل المشكلة :
أ – عرض الاطروحة : يرى بعض العلماء ، ان الابداع يعود اصلا الى شروط نفسية تتعلق بذات المبدع وتميزه عن غيره من غير المبدعين كالذكاء وقوة الذاكرة وسعة الخيال والاهتمام والارادة والشجاعة الادبية والجرأة والصبر والرغبة في التجديد .. اضافة الى الانفعالات من عواطف وهيجانات مختلفة . ومن يذهب الى هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي ( هنري برغسون ) والعالم النفساني ( سيغموند فرويد ) الذي يزعم ان الابداع يكشف عن فاعلية اللاشعور وتعبير غير مباشر عن الرعبات المكبوتة .
ب – الحجة : ويؤكد ذلك ، أن استقراء حياة المبدعين – في مختلف ميادين الابداع – يكشف ان هؤلاء المبدعين انما يمتازون بخصائص نفسية وقدرات عقلية هيأتهم لوعي المشاكل القائمة وايجاد الحلول لها .
فالمبدع يتصف بدرجة عالية من الذكاء والعبقرية ، فإذا كان الذكاء – في احد تعاريفه – قدرة على حل المشكلات ، فإنه يساعد المبدع على طرح المشاكل طرحا صحيحا وايجاد الحلول الجديدة لها . ثم ان المبدع في تركيبه لأجزاء وعناصر سابقة لإبداع جديد انما يكشف في الحقيقة عن علاقة بين هذه الاجزاء او العناصر ، والذكاء – كما يعرف ايضا – هوادراك العلاقات بين الاسشياء اوالافكار .
واصل كل ابداع التخيل المبدع ، والتخيل – اصلا – هو تمثل الصور مع تركيبها تركيبا حرا وجديدا ، لذلك فالابداع يقتضي مخيلة قوية وخيالا واسعا خصبا ، فكلما كانت قدرة الانسان على التخيل اوسع كلما استطاع تصور صور خصبة وجديدة ، وفي المقابل كلما كانت هذه القدرة ضيقة كان رهينة الحاضر ومعطيات الواقع .
ويشترط الابداع ذاكرة قوية ، فالعقل لا يبدع من العدم بل استنادا الى معلومات وخبرات سابقة التي تقتضي تذكرها ، لذلك فالذاكرة تمثل المادة الخام والعناصر الاولية للابداع .
هذا ، واستقراء حياة المبدعين وتتبع اقوالهم وهم يصفون حالاتهم قبل الابداع اواثنائه ، يؤكد دور الارادة والاهتمام في عملية الابداع ، فمن كثرة اهتمام العالم الرياضي الفرنسي ( بوانكاريه ) بإيجاد الحلول الجديدة للمعادلات الرياضية المعقدة ، غالبا ما كان يجد تلك الحلول وهو يضع قدميه على درج الحافلة ، وهذا ( ابن سينا ) قبله من شدة اهتمامه بمواضيع بحثه كثيرا ما كان يجد الحلول للمشكلات التي استعصت عليه اثناء النوم . والعالم ( نيوتن ) لم يكتشف قانون الجاذبية لمجرد سقوط التفاحة ، وانما كان يفكر باهتمام بالغ وتركيز قوي في ظاهرة سقوط الاجسام ، وما سقوط التفاحة الا مناسبة لاكتشاف القانون .
وما يثبت دور الحالات الوجدانية الانفعالية في عملية الابداع ان التاريخ يثبت – على حد قول برغسون – ان « كبار العلماء والفانين يبدعون وهم في حالة انفعال قوي » . ذلك ان معطيات علم النفس كشفت ان الانفعالات والعواطف القوية تنشط المخيلة التي هي المسؤولة عن عملية الابداع . وبالفعل ، فاروع الابداعات الفنية والفكرية تعبر عن حالات وجدانية ملتهبة ، فلقد اجتمعت عواطف المحبة الاخوية والحزن عند ( الخنساء ) فأبدعت في الرثاء .
ولما كان الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، فماهو جديد – في جميع المجالات – يقابل برفض المجتمع لتحكم العادة ، فمثلا افكار( سقراط ) و ( غاليلي ) قوبلت بالرفض والاستنكار ، ودفعا حياتهما ثمنا لافكارهما الجديدة ، وعليه فالمبدع اذا لم يتصف بالشجاعة الفكرية والادبية والروح النقدية والميل الى التحرر .. فإنه لن يبدع خشية مقاومة المجتمع له .
جـ - النقد : ولكن الشروط النفسية المتعلقة بذات المبدع وحدها ليست كافية لحصول الابداع ، إذ معنى ذلك وجود ابداع من العدم . والحقيقة انه مهما طالت حياة المبدع فانه من المحال ان يجد بمفرده اجزاء الابداع ثم يركبها من العدم . ومن جهة أخرى ، فالذكاء – الذي يساهم في عملية الابداع – وان كان في اصله وراثيا ، فإنه يبقى مجرد استعدادات فطرية كامنة لا تؤدي الى الابداع مالم تقم البيئة الاجتماعية بتنميتها وابرازها . كما يستحيل الحديث عن ذاكرة فردية محضة بمعزل عن المجتمع . واخيرا ، فإن ان هذه الشروط حتى وان توفرت فهي لا تؤدي الى الابداع مالم تكن هناك بيئة اجتماعية ملائمة تساعد على ذلك . وهذا يعني ان للمجتمع نصيب في عملية الابداع .
أ – عرض نقيض الاطروحة : وعلى هذا الاساس ، يذهب الاجتماعيون الى ان الابداع ظاهرة اجتماعية بالدرجة الاولى ، تقوم على ما يوفره المحتمع من شروط مادية او معنوية ، تلك الشروط التي تهيئ الفرد وتسح بالابداع . وهو ما يذهب اليه انصار النزعة الاجتماعية ومنهم ( دوركايم ) الذي يؤكد على ارتباط صور الابداع المختلفة بالاطر الاجتماعية .
ب – الحجة : وما يثبت ذلك ، ان الابداع مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية اما لجلب منفعة او دفع ضرر ، فالحاجة هي التي تدفع الى لابداع وهي ام الاختراع ، وتظهر الحاجة في شكل مشكلة اجتماعية ملحة تتطلب حلا ، فإبـداع ( ماركس ) لفكرة " الاشتراكية " انما هو حل لمشكلة طبقة اجتماعية مهضومة الحقوق ، و اكتشاف ( تورشيلي ) لقانون الضغط جاء كحل لمشكلة اجتماعية طرحها السقاؤون عند تعذر ارتفاع الماء الى اكثر من 10.33م .
كما ان التنافس بين المجتمعات وسعي كل مجتمع الى اثبات الوجود ما يجعل المجتمع يحفز افراده على الابداع ويوفر لهم شروط ذلك ؛ فاليابان – مثلا – لم تكن شيئا يذكر بعد الحرب العالمية الثانية ، لكن تنافسها الاقتصادي مع امريكا واروبا الغربية جعل منها قوة خلاقة مبدعة . كما ان التنافس العسكري بين امريكا والاتحاد السوفياتي سابقا ادى الابداع في مجال التسلح .
كما ترتبط ظاهرة الابداع بحالة العلم والثقافة القائمة ؛ وما يثبت ذلك مثلا انه من المحال ان يكتشف المصباح الكهربائي في القرن السابع ، لأنه كإبداع يقوم على نظريات علمية رياضية فيزيائية لم تكن متوفرة وقتذاك . ولم يكن ممكنا اكتشاف الهندسة التحليلية قبل عصر ( ديكارت ) ، لأن الجبر والهندسة لم
يبلغا من التطور ما يسمح بالتركيب بينهما . ولم يبدع شعراء كبار مثل ( المتنبي ، أبو تمام .. ) الشعر المسرحي في عصرهم ، لأن الادب المسرحي لم يكن معروفا حينذاك . وتعذر على ( عباس بن فرناس ) الطيران ، لأن ذلك يقوم على نظريات علمية لم تكتشف في ذلك العصر .
ويرتبط الابداع – ايضا - بمختلف الظروف السياسية ؛ حيث يكثر الابداع اليوم في الدول التي تخصص ميزانية ضخمة للبحث العلمي وتهيئ كل الظروف التي تساعد عى الابداع . ولقد عرفت الحضارة الاسلامية ازهى عصور الابداع ، لما كان المبدع يأخذ مقابل ابداعه ذهبا وتشريفا .
جـ - النقد : غير ان التسليم بأن الشروط الاجتماعية وحدها كافية لحصول الابداع يلزم عنه التسليم ايضا ان كل افراد المجتمع الواحد مبدعين عند توفر تلك الشروط وهذا غير واقع . كما ان الاعتقاد ان الحاجة ام الاختراع غير صحيح ، فليس من المعقول ان يحصل اختراع او ابداع كلما احتاج المجتمع الى ذلك مهما وفره من شروط ووسائل . وما يقلل من اهمية الشروط الاجتماعية هو ان المجتمع ذاته كثيرا ما يقف عائقا امام الابداع ويعمل على عرقلته ، كما كان الحال في اروبا إبّـان سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى .
التركيب : ان الابداع كعملية لا تحصل الا اذا توفرت لها شروط ذلك ، فهي تتطلب اولا قدرات خاصة لعلها لا تتوفر عند الكثير ، مما يعني ان تلك القلة المبدعة لم تكن لتبدع لولا توفرها على تلك الشروط ، غير انه ينبغي التسليم ان تلك الشروط وحدها لا تكفي ، فقد تتوفر كل الصفات لكن صاحبها لا يبدع ، مالم يجد مناخ اجتماعي مناسب يساعده على ذلك ، مما يعني ان المجتمع يساهم بدرجة كبيرة في عملية الابداع بما يوفره من شروط مادية ومعنوية ، مما ؤدي بنا الى القول ان الابداع لا يكون الا بتوفر الشروط النفسية والاجتماعية معا .
حل المشكلة : وهكذا يتضح ان عملية الابداع لا ترجع الى شروط نفسية فقط ، بل وتتطلب بالاضافة الى ذلك جملة من الشروط الاجتماعية فالشروط الاولى عديمة الجدوى بدون الثانية ، الامر الذي يدعونا ان نقول مع ( ريبو ) : « مهما كان الابداع فرديا ، فإنه يحتوي على نصيب اجتماعي » .



 الجمعة 08 يونيو 2018, 16:36
عضو مميز
عضو مميز
محاجب

الجنس : انثى
المشاركات : 1262
تقييم المستوى : 63


افتراضيرد: مقالات فلسفية

مقالة فلسفية حول النسيان.هل النسيان حالة عادية أم مرضية؟
مقدمة:
إذا كانت الذاكرة من حيث وظيفتها تعمل على حفظ الماضي واسترجاعه عند الحاجة فإنها لا تقوى في بعض الحالات على استدعاء جزء من هذا الماضي بالرغم من الجهد المبذول لاستحضاره وهذا يعني أن الذاكرة مرتبطة بالنسيان الذي يعرف بأنه الفقدان المؤقت أو الكلي أو الدائم للذكريات على هذا الأساس اختلف الفلاسفة فيما إذا كان فقدان الذكرايات أو ما يعرف بالنسيان حالة عادية تؤدي وظيفة ايجابية في التكيف مع العالم الخارجي أم انه حالة مرضية سلبية تعيق تكيف الفرد مع الواقع ومن هذه المقدمة نتساءل كيف يمكن التوفيق بين وظيفتين متناقضتين إحداهما تبني وتفيد والأخرى تدمر ؟ أو بعبارة أخرى متي يكون النسيان حقا مناقضا للذاكرة ومتى يكون شرطا لها ؟وهل النسيان يساعد على التكيف مع الواقع أم انه يعيق نشاط الفرد اليومي؟.
الأطروحة الأولى: النسيان حالة يومية عادية يعيشها الفرد
يرى فرويد Freud 1939-1856 بهذا الصدد أننا ننسي بعض الحالات الماضية قصدا وهذه الحالات التي ننساها إراديا إنما هي الأحداث المؤلمة في ساحة الشعور فنطردها إلى اللاشعور؛ فالنسيان هو النفور من تذكر بعض الأشياء التي تثير في نفوسنا انفعالا مؤلما؛ إننا ننسى اسم الشخص الذي لا نحبه و ننسى مكان الشيء الذي نريد أن نضيعه، وإذا نحن نظرنا إلى ما يؤديه النسيان من خدمات للذاكرة والإنسان بصفة عامة وجدناها كثيرة فلولا النسيان لما تقدمنا في تحصيل المعرفة خطوة واحدة فهو يسمح لنا باكتساب خبرات جديدة إذ يساعد الفرد على إبعاد بعض المعلومات التي ليس لها أي معنى والاهتمام بالمعلومات المفيدة التي نحتاجها في الوقت المناسب فلو كانت الذاكرة تملأ نفسها بكل شيء بحيث لا تغيب عنها دقائق الأشياء الماضية لأفتقد الفكر مرونته و لاستحال أن يستقيم ويسير على مجراه الطبيعي فمن شروط العقل السليم الإعراض مؤقتا عن التفاصيل الثانوية ووقوفه على الأهم لأن التفكير يوجب الاختصار و الاقتصار على الأهم و البسيط فيجب أن يزول عن الذهن شيء و يبقى فيه شيء،ويترتب على هذا أن النسيان هو الوسيلة النفسية التي يستخدمها الشخص للتوافق مع الشروط الراهنة التي تمس علاقته بالغير وحتى مع ذاته فإذا بقي الإنسان مثلا يتذكر دوما موت قريب له فحتما لن يعيش في توافق معذاته ومع المجتمع فالنسيان رحمة بين الأفراد وكذلك بين الأمم إذ يمحى أثار الحقد ومواطن الآلام بين الحكام والملوك وفي هذا المعنى يصرح ريبو Ribot فيقول {النسيان ليس مرضا من أمراض الذاكرة وإنما هو شرط من شروط سلامتها وبقائها} ويقول الكاتب وعالم الأحياء الفرنسي جون روستان Jean Rostand1977-1894: ( اليوم السعيد هو اليوم الذي يبقى فيه الماضي ساكنا ) وهنا يتبين أن الذاكرة لا تستطيع القيام بوظيفتها بعيدا عن النسيان لأن الذاكرة السليمة ليست الذاكرة المشبعة بالذكريات الكثيرة دون انتقاء أو نسيان جزء منها وإنما {خير للذاكرة أن تكون ملكة نساءة}إننا لا نفرح إلا بفضل نسيان الأمور السلبية وتذكر الأمور الإيجابية، وقد أكدت الدراسات أن النسيان يفتح المجال للانتباه والاهتمام اللذان لولاهما لما قطعنا خطوة واحدة إلى الاهتمام بحياتنا العلمية والعملية .
نقــــــد01/
رغم ذلك فإن النسيان لا يجوز بوجه أو بآخر اعتباره وظيفة إيجابية دائمة إذ يعاني الكثير من النسيان خاصة حين نكون بحاجة ماسة إلى بعض الخبرات فتخوننا الذاكرة ويكون النسيان عدوا لصاحبه، فالناس يصفون ذاكرتهم بالخيانة عندما لا تسعفهم في الوقت المناسب بما يريدون تذكره مثال ذلك مرض الزهايمر Alzheimer's و أهم أعراضه فقدان الذاكرة، مثل صعوبة التذكر وعدم القدرة على اكتساب معلومات جديدة.
الأطروحة الثانية:النسيان حالة مرضية سلبية تعيق نشاط الفرد
إن النسيان ظاهرة سلبية تعيق وظيفة التذكر فهو يحدث بسبب التلاشي الذي يصيب بعض ذكرياتنا التي تصبح مفككة فننسى بعض أقسامها وقد تتلاشي ذكرياتنا ويصيبها النسيان بسبب الزمن،فالنسيان حسب قانون ببيرون يتناسب طردا مع لوغاريتم الزمن أي أن الذكريات كلمات تقادمت في الماضي كلما كان ذلك أدعى إلى النسيان لذلك قيل أن الذكريات شبيهة بالطلاء على الجدران فيكون براقا في أول الأمر لكنه مع الزمن يصير حائلا ويترتب على ذلك أن النسيان يحول دون التلاؤم مع المواقف الراهنة وأبرز ما تتجلى فيه الوظيفة السلبية مظاهر الفشل والإخفاق في الامتحانات كعجز التلميذ عن الإجابة أثناء الامتحان بالرغم من جهده لتذكر المعلومات، كما أن النسيان يبدو في مجال اكتساب المعرفة والتحصيل العلمي عائقا خطيرا و ما يبرر هذه الخطورة رأي بعض علماء التربية القائلين بأننا ننسى أكثر مما نتعلم لذلك كانت الذاكرة القوية نعمة لصاحبها { آفة العلم النسيان} ويقول أفلاطون Platon كذلك: ( المعرفة تذكر و الجهل نسيان )، هذا ويبدو النسيان مناقض للذاكرة إذا نحن نظرنا إليه كظاهرة مرضية ومن هذه الأمراض نذكر فقدان الذاكرة ويعني اضمحلال الذكريات التي قد تكون جزئيا أو مؤقتا أو كليا أو دائما وأيضا انحراف الذاكرة وهو مرض الذاكرة الكاذبة هو فساد العرفان أي الخبرات المشوهة فلا يعلم صاحبها أنها كذلك وأيضا فرط الذاكرة وهي قوة استدعاء الذكريات بتفاصيلها ويعرف أيضا بعرض تضخم الذاكرة والنسيان المرضي يصيب الذاكرة ويقضى على حياتنا السوية فهو يلحق بالشخص أضرارا خطيرة تمس شعوره وشخصيته ويعرض طبيب الأعصاب الفرنسي جون دولاي Jean Delay 1987-1907 حالة شخص عمره 59 سنة مصاب بداء الكحول يملك ذكريات دقيقة عن ماضيه البعيد فيتحدث عن عمله في الجيش أثناء الحرب العالمية الأولى ويصف جميع الحوادث دون تحريف يذكر غير أنه منذ سنة تقريبا لا يستطيع الاحتفاظ بذكريات الحوادث التي يمر بها فلا يتعرف في المستشفى الذي يوجد فيه و لا على غرفته ولا حتى على سريره وحتى طريقه الذي يمر فيه ينساه ويبدو وكأن وظيفة التذكر قد توقفت عن نشاطها ابتداء من فترة معينة كما يقدم لنا عالم النفس الفرنسي بيار جاني Pierre Janet 1947-1859 مثالا عن فقدان القدرة على استحضار الذكريات وهو نوع من أمراض الأمينيزيا في قصة فتاة كانت تعالج أمها المريضة غير أن والدتها ماتت وهي تعالج فأصيبت الفتاة بصدمة نتج عنها اضطرابات مختلفة كفقدان القدرة على تذكر الحادث بحيث انشطرت حالتها النفسية إلى قسمين تارة تنسي كل ما يتعلق بوالدتها وتارة أخرى تتذكر كل شيء .
نقــــــــد02/
لكن لما ينظر إلى النسيان على أنه وظيفة سلبية ؟ وعلى أنه عجز وفشل ؟ في حين أنه ليس مناقضا من الناحية النفسية للذاكرة وليس أيضا ظاهرة سلبية إن فقدان الآثار والأشياء الماضية بصورة تدريجية ظاهرة طبيعية ثم إننا من الناحية العلمية والنفسية نتذكر ما يفيدنا وينفعنا وماله قيمة بالنسبة لنا لأن التذكر معناه القيام بعملية اختيار حسب اهتماماتنا ومقتضياتنا فلو كانت الذاكرة قوة مطلقة و متماسكة تماما لتعذر عليها التفكير و لتعبت الخلايا العصبية و لأصبحت غير قادرة على تخزين المعلومات الجديدة .
التركيب:
إن النسيان ليس حالة إيجابية دائما للتكيف مع العالم الخارجي وتجاوز الأمور الثانوية الغير مهمة؛ بل قد يكون سلبيا ومعيقا لصاحبه متى كان مرضيا.
الموقف الشخصي: لكنني أرى أن النسيان حالة عادية وليس مرضا وما يبرر ذلك موقف عالم النفس الفرنسي "هنري برغسونHenri Bergson 1941-1859 " الذي اعتبر النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد إذ لا يتذكر من الماضي إلا ما كانت له علاقة بالواقع الذي يعيش فيه , فالإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا لحاجته للتكيف , إذ حاول برغسون إثبات أن الحوادث السابقة لا تمحى , وأن الذكريات المنسية لا تتلف أبدا إضافة إلى أن للنسيان فائدة كبيرة في تجاوز الذكريات الحزينة ولهذا يقول الكاتب الفرنسي شامفور :Chamfort 1740-1794( يجب أن نعيش حياتنا يوما بيوم و ننسى كثيرا ).
الخاتمة:
وفي الأخير نقول أن النسيان المرضي مهما كانت أسبابه وطبيعته يعتبر ظاهرة سلبية معيقة لنشاط الفرد وفاعليته وهو على النقيض من النسيان الطبيعي العادي الذي تقتضيه الحياة اليومية وما يتخللها من أعمال ومشاكل لأننا لا نستطيع أن نتعلم شيئا جديدا إلا إذا نسينا مؤقتا تجاربنا وذكرياتنا الماضية ولولا هذا النوع من النسيان لما أستطاع الإنسان أن يتكيف مع المواقف الجديدة أو الطارئة يقول الباحث الفرنسي المعاصر جورج غوسدورف Georges Gusdorf في كتابه الذاكرة والشخص: ( النسيان شرط لاستمرار الوجو





الرد السريع




الانتقال السريع

الساعة الآن
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق يتم بين الأعضاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتدى المسيلة الجزائري ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )